انه القدر

انه القدر



فأخذ يصعد درجات السلم ببطء شديد كأن قدميه لا تستطيعا ان تحملا ما فيه من هم....وأخرج المفتاح وفتح الباب
سألته أمه:هتتغدى معانا يا هشام؟
لم يشعر بوجود امه ودخل حجرته دون ان يصدر كلمة واحدة
اخذ الهاتف وقامت المكالمة التالية:
هشام:آلو....هالة
هالة:هشااااام...انت فين؟... انا قلقانة اوي عليك اليومين دول .
هشام:لو فاضية بكرة.... محتاج اقابلك لأمر هام في نفس المكان
هالة:مال صوتك؟؟...في ايه يا هشام؟!
هشام:هتعرفى بكرة...تصبحى علي خير.
ووضع السماعة دون ان ينتظر ردها

سمع صوت امه عالباب:يلا يا هشام الغدا جاهز.
جلس لتناول الغداء ولم يخرج عينيه من الطبق..
..نظر الاب للأم وسألها بصوت منخفض:في ايه يا ام هشام؟
الام:والله معرف يا اخويا من ساعة ما جه من بره وهو مسهم كده
الأب:كنت فين يا هشام النهاردة؟...........هشاااااااااااااااام
هشام:هه!!!!ايوة يا بابا..في حاجة؟!!
الأب:بقولك كنت فين؟
هشام:ابدا كنت في مشوار كده............ثم قام الي حجرته مرة ثانية.

استلقى هشام علي السرير يفكر فيما سيقوله لهالة غدا.......
......ولم يشعر بنفسه الا مع صوت اذان الفجر
فتوضأ ونزل المسجد ليصلي...سمع الأب صوت باب الشقة ..............
.................الأب:اول مرة ابنك يعنى يعملها
الأم:ربنا يهديه...الحمدلله يا حج.
دخل هشام المسجد واخذ ينظر للمسجد وكأنه يراه لأول مرة
ولوجوه المصلين وكأنهم ملائكة تمشي عالأرض
فاستغرب لحاله :كيف لي ان حرمت نفسي من هذه المتعة من قبل
وكبر الامام للصلاة:الله أكبر......................فاجهش هشام بالبكاء ودخل في الصلاة .

الامام:السلام عليكم ورحمة الله....السلام عليكم ورحمة الله.

فسلم احد المصلين علي هشام:وقال له لن اسألك عما يبكيك
ولكن عليك ان تعلم ان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا.


فابتسم هشام بصعوبة بالغة
وقال له :جزاك الله خيرا..................ثم رجع لبيته مرة أخرى.


وعندما دقت الخامسة ارتدي ملابسه وذهب الي النادى لمقابلة هالة
وجدها تجلس في المكان المعتاد وما أن رأته حتي نظرت له نظرة لوم
عما بدر منه في مكالمة امس....فهم ذلك ولكنه مثل عليها كأن لم يفهم عن اي شيء
تلومه لأن يوجد الأهم الذي يجب ات تعرفه.
نظرت اليه هالة وكأنها تحاول استنتاج ما يريد ان يقوله واحست ان الأمر
هام فتناسيت امر المكالمة وسألته باهتمام:في ايه يا هشام؟


هشام:هتفهمى اللي هقوله؟
هالة:من امتى مبفهمكش....ادخل في الموضوع.......ايه اللي حصل صاحب العمارة طلع نصاب والمقدم اللي دفعناه راح علينا!!!




هشام(محاولا ان يمسك دموعه...):من غير اسئلة ولا لوم...........وخلع الدبلة واعطاها لها.......وانصرف.


تسمرت هالة في الكرسى من هول المفاجأة....حتي الدموع تجمدت في عينيها.........ولم ترد بأي كلمة..........وما ان فاقت من صدمتها سألت نفسها ايه اللي ممكن يخلي هشام يعمل كده؟؟

؟فكرت في كل الاحتمالات فلم تجد اي مبرر.


رجع هشام منزله حاملا لهم اكبر من همه فقد جرح اغلى الناس ولكن ما باليد حيلة
دخلت امه:مالك يا بنى؟؟؟فيك ايه؟؟انت اتخانقت مع هالة؟؟
هشام:لا ابدا يا ست الكل...مفيش حاجة انا بخير....انا كويس اوى
امه::لا يا بنى انت مش عاجبنى...قولي ده انا امك..........
.........وبعدين ايه ده انت سايب الشباك مفتوح كده ليه..
..اقفله يا بنى لتاخد برد...انا هسيبك تنام ولينا كلام تانى الصبح.
هشام:برد!!!!!!!!!!هههههههههههههههههههههههههههههههههه برد
هههههههههههههههههههههههههه واخذ يضحك ضحكات هيسترية الي ان اجهش بالدموع.

عادت هالة الي المنزل وحاولت الاتصال به فلم يرد.......ومرت تلك الليلة عليها كألف عام من الحزن.

ومع اذان الفجر.....خرج هشام من منزله ولم يعد


سافر الي صديق له ودار بينهم الحوار التالى:
عماد:انت ايه اللي خلاك تخبي عن اهلك بس يا هشام؟
هشام:انت عاوزهم يموتو بحصرتهم عليا يا عماد...مانت عارف انا وحيد امى وابويا
عماد:مانت كده برضه ممكن بتموتهم بحسرتهم من القلق عليك
هشام:عالاقل مش هيشوفونى وانا بتألم ولا هدوخهم بيا عند الدكاترة
ولا هيشوفو لحظة موتى......قضا اخف من قضا
عماد:انت خلاص حكمت علي نفسك بالموت؟؟فين ايمانك
هشام:ونعم بالله...بس خليك واقعى......وخد بالأسباب......المرض ده اخرته الموت
عماد:لكل اجل كتاب يا هشام..................وهالة؟
هشام:مش هقبل حبها ليا يتحول لشفقة.......وكان لازم اجرحها لأن انا عارف
هالة لما تعرف هتتمسك بيا اكتر وهتعطل نفسها مع واحد ميت..طب وليه؟؟؟....
...متبدأ حياتها مع حد تانى احسن بدل البهدلة دى وجرحى ليها اكيد هيساعدها علي ده.
عماد:تفتكر سهلة؟؟
هشام:سهلة بقا ولا صعبة معدتش تفرق.
عماد:مفيش فايدة..دماغك ناشفة ومش هوصل معاك لحاجة.......
......ناوى ان شاء الله تبدأ علاج امتى؟؟
هشام:بكرة ان شاء الله

نام هشام وحلم بأمه وهالة تبكيان بكاء شديد لدرجة
انه قام من النوم وجد نفسه يبكى لبكائهما
وارتدى ملابسه وذهب للعيادة
.


اخبره الطبيب بأهمية رغبته في الحياة وامله في الله ان يشفيه للأن ذلك جزء من العلاج
وقال له اثناء جلسات الكيماوي يجب ان تتذكر اعز الناس لك
وتشعر بالرغبة في الحياة من اجلهم
وذهب الي اول جلسة كيماوى وبالفعل بدأ بالتفكير في والديه وحاول ان ينسي
هالة لأن ليس من حقه الآن ان يفكر فيها فهي بالطبع سترتبط بغيره الي ان يكمل علاجه
ده اذا افترضنا انه سيعيش.


وتوالت جلسات الكيماوى واحدة تلو الأخرى.................واثناء ذلك كان عماد يموت من الحيرة
هل يخبر اهل هشام بما يحدث وهل سيستطيعون وهم في هذا السن تحمل الموقف
وايضا يخون عهد صديقه لانه قد وعده بعدم اخبارهم.....
........ام يظل صامتا؟؟؟وهداه تفكيره ان يرسل رسالة من مجهول لوالد هشام
يخبره ان هشام بخير في مكان ما وعليه ان يطمئن ويطمئن والدته
ولكنه سيغيب فترة معينة لسبب لن يستطيع اخباره به للضرورة.


اشتاق هشام لأهله.....فذهب لأقرب سنترال واتصل بهم ولكن لم يرد اكتفي فقط
بسماع صوت والده...ونزلت دموعه ثم اغلق الخط.

ومر اول كورس من العلاج ثم بدأت التحاليل وكانت المفاجأة.....تحسن كبير في حالته واستجابته للعلاج...........وتوالي الكورس الثانى والثاث

ذهب عماد ليلا لتناول العشاء مع هشام وقال له عندى لك اخبار كويسة
هشام:خير؟
عماد:هالة لسه مرتبطتش
هشام:عرفت منين؟؟
عماد:مصادرى الخاصة
هشام:عالعموم شيء ميخصنيش.
عماد:انت حر....انا غلطان....مش قايلك حاجة تانى.....المهم مش ناوى بقا تقول لاهلك وتطمنهم..... يا شيخ حرام عليك اللي انت بتعمله ده.....الحمدلله في تحسن اهو واستجابة



هشام:مينفعش دلوقتى ...المرض ده خبيث ممكن يرجع اي وقت واقوى من الاول
عماد:اعوذ بالله منك...........اييييييييييييييييييييه!!!!!!!!!!دكتوراه في النكد...........لا اله الا الله يا شيخ



هشام:محمد رسول الله
وبعد تناول الوجبة....انصرف عماد وقال له:بحبحها شوية.....سلام





جلس هشام علي السرير مبتسما فقد سره الخبر الذي اخبره به عماد وقوى لديه رغبته في الحياة اكثر من قبل.
وفي الصباح توجه الي العيادة لبدء الكورس الرابع من العلاج واثناء جرعة الكيماوى كان يتذكر هالة ايضا ويبتسم....فتذكرها يخفف من ألمه.

ومع نهاية الكورس كانت المفاجأة.............فقد اختفي المرض تماما من دمه
لم يصدق هشام نفسه من الفرحة ولم يمنع دموعه تلك المرة من التساقط....لأنها دموع الفرحة
سأل الدكتور:يعنى كده انا خفيت تماما يا دكتور....؟؟؟
الدكتور:نقدر نقول بنسبة 85%ايوة بس انتظر شهرين نقاهة ونعيد التحاليل للتأكد فقط

ومر الشهران وكأنهما عامان...............وعادت التحاليل

وبفضل الله تم التأكد من اختفاء المرض


عماد:مش قلتلك....انت اكتشفت المرض في مرحلة كويسة وفي امل في الشفاء
هشام مبتسما:الحمدلله
عماد:نكلم اهلك بقا نطمنهم
هشام:لا...........انا عاوز اعملهالهم مفاجأة وادخل اطمنهم عليا بنفسي
عماد:ماشي براحتك.............بس عاوز اقولك حاجة بس متزعلش
هشام:خير؟؟
وحكي له عن الرسالة التي ارسلها لهم من مجهول وطمأنهم عليه
هشام مبتسما:خير ما فعلت

وانطلقا نحو محطة القطار..............وودع عماد صديقه.

جلس هشام علي مقعده في القطار وهو غير مصدق لتغير الاحداث ومبتسما وتخيل وجه هالة عندما تعلم بكل ذلك....فهي بالطبع ستبكى خوفا عليه بالرغم من مرور الموضوع وشفاؤه.
فظل يضحك وهو متخيل شكلها وهي بتبكى وقلقه عليه.
واشفق علي والديه مما فعله بهما ولكنه طمأن نفسه بأنهما اكيد سيعذرانه.
اخذ ينظر في الساعة وكأنه يقول للوقت مر سريعاااااااااا.........أريد ان اعود............شعر بأنه يريد ان يترك القطار ويذهب لهم جرياااااااااااااااا فقد اشتاق لهم كثيرا
يتمنى ان يحضن امه ويقبل يد ابيه.............

واثناء انهماكه في التفكير اذا بصوت فرملة قووووووووووووووووى في القطار





وانقلب القطار...............ومات هشام.

لا اله الا الله ربنا يرحمه